توعد مجلس المنافسة بالتصدي لاحتكار الشركات عبر العمل على تجاوز العاراقيل التي تحد من الولوج إلى الصفقات العمومية، وأكد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، أهمية تعزيز الشفافية وتطبيق قواعد التنافسية العادلة في الطلبيات العمومية، في إطار السعي المستمر نحو تطوير السوق وضمان تكافؤ الفرص بين الشركات فيما يتعلق بولوج الشركات الصغيرة والصغيرة جدا، والمتوسطة إلى الطلبيات العمومية،
وأوضح رحو اليوم الأربعاء على هامش المؤتمر الدولي حول “الحياد التنافسي والولوج إلى الأسواق”، الذي تحتضنه مراكش، أن الطلبيات العمومية ليست مقتصرة فقط على دفاتر التحملات، بحيث إن من يقوم بطرح الصفقات العمومية وطلبات العروض يتمتع بالحرية، ويستند إلى احكام القانون الإداري، بينما مراقبة مدى التزام الجهة التي قدمت طلب العروض بأحكام القانون الإداري، يقع ضمن اختصاص المجلس الأعلى للحسابات.
وشدد رئيس مجلس المنافسة على أهمية الطلبيات العمومية في تعزيز النمو الاقتصادي، مشيرًا إلى ضرورة ضمان توازن في الوصول إليها بحيث يكون متاحًا لجميع الشركات بشفافية وإنصاف، مؤكدا أن التجربة المغربية في هذا المجال تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز التنافسية، وذلك تحت التوجيهات الملكية السامية، مع الحرص على الاستفادة من التجارب الدولية في هذا الصدد.
وسجل رحو تطور أن ارتفاع عدد الشركات المسجلة في الصفقات العمومية من 6 آلاف إلى 13 ألف شركة يعكس نجاح الجهود المبذولة في هذا الإطار، موضحا أن المجلس يسعى إلى تعزيز دور الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير إمكانية وصولها العادل إلى هذه الطلبيات، وذلك من خلال إجراءات تدعم المنافسة وتضع حداً للتوجهات السابقة التي كانت تعتمد على أقل سعر، حيث تم التخلي عن هذه السياسة لصالح معايير تقوم على الأهمية الاقتصادية، مما يسهم في تعزيز جودة الصفقات والارتقاء بالاقتصاد الوطني.
تواطؤ الشركات
وأكد رحو أن مجلس المنافسة يستقبل الشكاوى المتعلقة بـ”التواطؤ” بين الشركات ضد الدولة ويتعامل معها ضمن اختصاصاته، بينما تُحال القضايا الأخرى المرتبطة بدفاتر التحملات التي قد تتخذ مسارات مخالفة إلى الجهات المختصة الأخرى.
وأضاف رئيس المجلس، أن تحقيق التوازن في الولوج إلى الصفقات العمومية هو تحدٍّ مستمر، إلا أنه ضروري لضمان نمو اقتصادي شامل يُمكّن الجميع، بمن فيهم الشركات الصغيرة والمتوسطة، من الاستفادة من الطلبيات العمومية.
وفي تصريح له أكد رئيس مجلس المنافسة، على ضرورة تبني سياسات تهدف إلى تحقيق الحياد التنافسي كعامل أساسي لضمان الشفافية وتكافؤ الفرص بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين في المغرب، مؤكدا أن المجلس يركز على مراقبة التوجهات التنظيمية للسوق، لضمان عدم وجود عراقيل تمنع الشركات، سواءً الكبيرة أو الصغيرة، من الولوج المتكافئ إلى السوق.
وأشار إلى أن المجلس يسعى إلى تعديل السياسات التي قد تسهم في ممارسات غير عادلة، مضيفاً أن تغيير بعض المفاهيم، مثل الشروط السابقة التي كانت تقتصر على الشركات التي يقل عمرها عن عشر سنوات، ساعد في تقليل ممارسات الإغراق الضارة بالمنافسة.
تشجيع الشركات
وأشار رحو إلى أن الإصلاحات الأخيرة هدفت إلى تشجيع الشركات على تقديم أسعار مبررة اقتصاديًا، بما يضمن تحقيق التوازن بين الشفافية والكفاءة الاقتصادية في توزيع السوق العامة، مؤكدا أن هذه الخطوات تعكس توجه المغرب نحو خلق بيئة تنافسية تستوعب الشركات التي قد تكون ظروفها المالية أقل قوة، مما يعزز مبدأ الشفافية ويزيد من الفرص المتاحة أمام الجميع.
وفي هذا السياق، قال رحو: “نحن نتابع بشكل مستمر عمليات الشراء العام لضمان التوزيع العادل والشفافية التامة في المعاملات،”، مضيفا أن المجلس يسعى جاهدًا إلى تعزيز آليات الرقابة لتفادي التلاعب في الأسعار وضمان جودة الخدمات المقدمة، و أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز ثقة المستثمرين ودفعهم للمشاركة بفعالية في الأسواق العمومية.
وشدد المتحدث ذاته، على أن مجلس المنافسة يعمل بالتعاون مع الحكومة، ومحكمة الحسابات، واللجنة الوطنية للأسواق العمومية، بالإضافة إلى القطاع الخاص، لضمان تحقيق التنافسية العادلة في الأسواق المغربية، مشيرا إلى أن المجلس سيواصل جهوده لتطوير آليات جديدة تساعد على مراقبة الأسواق وتضمن حماية المال العام، مؤكداً أن الحياد التنافسي سيبقى من أولويات المجلس لتحقيق اقتصاد مستدام يساهم في رفاهية المواطنين وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
وأردف المسؤول بأن التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب تتطلب استمرار الجهود لخلق بيئة تتسم بالعدالة في المنافسة، مشددا أن المجلس سيواصل العمل مع جميع الأطراف المعنية لضمان تحقيق توازن بين المصلحة العامة واحتياجات الفاعلين الاقتصاديين، معتبراً أن هذا التوازن هو السبيل لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في المغرب.
وفيما يتعلق بالمؤتمر المنعقد أشار أحمد رحو إلى أن هذه المناسبة جمعت نخبة من الخبراء والمتخصصين من دول أوروبية وأمريكية، إضافة إلى البرازيل وعدد من الدول العربية، حيث ركز النقاش في هذه الندوة على قضايا جوهرية تتعلق بتعزيز التنافسية وضمان وصول جميع الفاعلين إلى السوق بشكل عادل وشفاف.
احتكار الشركات
وأوضح رحو أن إحدى الإشكاليات الرئيسية التي تواجه الاقتصاديات العالمية تتمثل في الامتيازات أو المساعدات التي قد تُمنح لبعض الشركات دون غيرها، مما يؤثر سلبًا على التنافسية ويمس بمبدأ الحياد في السوق، مشيرا إلى أن هذه المساعدات ليست ممنوعة في حد ذاتها، حيث تقدمها معظم الدول لدعم قطاعات محددة أو لتحقيق أهداف معينة، سواء من خلال شركات حكومية أو خاصة.
وشدد رئيس مجلس المنافسة، على ضرورة مراقبة هذا الدعم بعناية لضمان ألا يحرم فاعلين اقتصاديين آخرين من فرص الولوج إلى السوق، وألا يؤدي إلى احتكار بعض الشركات لهذه الامتيازات على حساب الشركات الأخرى، مضيفا أن النقاش الدائر يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين توفير الدعم الاقتصادي وخلق بيئة تنافسية عادلة تتيح لجميع الفاعلين المشاركة الفعالة في السوق.
وخلص أحمد رحو إلى أن مجلس المنافسة سيواصل جهوده للمساهمة في بناء أسواق مفتوحة ومتوازنة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويضمن الاستخدام الأمثل للمال العام.
0 تعليق