كشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن حجم رؤوس الأموال التشغيلية للمشاريع الصناعية، تضاعف عشر مرات خلال الفترة ما بين ماي 2023 ونوفمبر 2024، بفضل الميثاق الجديد للاستثمار، الذي يهدف إلى تعزيز التنافسية وتشجيع الابتكار، منتقلا من 13 مليار درهم إلى 140 مليار.
وأكد رئيس الحكومة، خلال جلسة مخصصة للسياسة العامة أمام مجلس المستشارين، أن التدابير الإصلاحية التي أطلقتها الحكومة لتحسين مناخ الأعمال، بما في ذلك تبسيط الإجراءات الإدارية والرقمنة، إلى جانب تحقيق عدالة مجالية في توزيع الاستثمارات الصناعية عبر الأقاليم.
ورغم هذه الأرقام المحققة إلا أن تساؤلات عدة تطرح حول مدى انعكاس هذه الأرقام على الواقع الاقتصادي والصناعي المغربي. وفي هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي، رشيد ساري، أنه وعلى الرغم من تسجيل الاستثمارات الموجهة لمجالات متعددة في المغرب قفزة كبيرة، بتضاعف حجمها عشر مرات، من 13 مليار درهم في ماي 2022 إلى 140 مليار درهم في نوفمبر 2024، إلا أن هنالك التساؤلات تثار حول مدى تأثير هذه الاستثمارات على التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل.
وأشار ساري إلى أن القيمة المضافة غير الفلاحية، رغم تحسنها الطفيف، لم تشهد قفزة نوعية توازي حجم الاستثمارات الضخمة، إذ تتراوح معدلات النمو غير الفلاحي بين 3.4% و3.6%، وهي نسب تظل دون التطلعات، كما أن بعض المشاريع الصناعية المدعومة في مجالات مثل الصناعات الإلكترونية والصناعات الغذائية لم تنجح في إحداث أثر ملموس على معدلات التشغيل.
وفي سياق متصل، لفت المحلل الانتباه إلى الإجراءات التي أعلنها رئيس الحكومة، مثل تبسيط 22 إجراءً إدارياً، وتقليص المساطر الإدارية بنسبة تفوق 45%، بالإضافة إلى تعزيز العدالة المجالية عبر الميثاق الجديد للاستثمار، ورغم أهمية هذه المبادرات، إلا أن ساري يرى أن الإشكال يكمن في فعالية هذه التدابير في معالجة القضايا الهيكلية، خاصة مع ارتفاع معدل البطالة إلى نحو 14%.
ومن جهة أخرى، تساءل ساري عن أدوار المراكز الجهوية للاستثمار، مشيراً إلى أن بعضها يعاني من اختلالات تعرقل تحقيق الأهداف المرجوة، رغم محاولات إعادة هيكلتها بناءً على توجيهات ملكية.وأشاد المحلل الاقتصادي بالمراكز الجهوية في الأقاليم الجنوبية، وبدورها في دعم المشاريع، إلى جانب استغلال المجال الرقمي في هذه المناطق بشكل أفضل.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الخطاب الحكومي غالباً ما يركز على استعراض النقاط الإيجابية دون معالجة المشاكل الهيكلية، متسائلاً: “لماذا لا يتم الحديث عن محدودية تأثير الاستثمارات على التشغيل والقيمة المضافة غير الفلاحية؟”.
ودعا رشيد ساري إلى ضرورة مواجهة التحديات التي تعيق تحقيق نمو اقتصادي مستدام، مشدداً على أهمية تحويل الاستثمارات إلى نتائج ملموسة تساهم في تحسين معدلات النمو، وخلق فرص عمل حقيقية، وتعزيز العدالة المجالية بشكل فعّال.
يذكر أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش أوضح أن الميثاق الجديد للاستثمار يهدف إلى تحقيق عدالة مجالية في توزيع الاستثمارات، لضمان استفادة مختلف الأقاليم من الجهود الاستثمارية الصناعية التي تبذلها الحكومة، مشددا على الأهمية البالغة لذلك بالنسبة للاقتصاد المغربي، الذي يعطي أولوية خاصة لتشجيع الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة في الصناعات التحويلية.
0 تعليق