أعلنت مؤسسة وسيط المملكة عن نجاح مبادرة التسوية التي قادتها بين الإدارة وطلبة كليات الطب والصيدلة، باعتبارها مؤسسة دستورية وطنية مستقلة لضمان تواصل مؤسساتي فعال، ومعه “إنهاء التوتر الذي ساد كليات الطب والصيدلة خلال 11 شهرا”.
وأضافت المؤسسة في بلاغ لها أن هذه التسوية ترتب عنها عودة الطلبة المعنيين إلى مدرجاتهم وتداريبهم السريرية الميدانية، ووضع حد لكل الأشكال الاحتجاجية المتخذة منذ ما يناهز أحد عشر شهرا، والتي بلغت حد المقاطعة التامة للدروس والامتحانات.
وأكدت المؤسسة على “أهمية الجهود المبذولة لتسهيل سبل الوصول إلى هذه التسوية”، داعية الأطراف المعنية إلى مواصلة الحوار الهادئ في سياق علاقات ارتفاقية قائمة على الثقة وحسن النية، بما يضمن جودة التكوين الطبي ويساهم في الرقي بالوضع الصحي بالمغرب وفي تطوير المنظومة الصحية وتحصين سيادتها الوطنية كما أراد ذلك الملك محمد السادس.
كما دعت المؤسسة جميع المتدخلين إلى ضرورة إيجاد الأرضية المناسبة لتعزيز الثقة بين الأطراف المعنية وخلق جسور التواصل المستمر بينها، لتنزيل ما تم التوافق عليه لما فيه مصلحة التكوين الطبي والكلية العمومية ببلادنا.
ولفتت المؤسسة إلى أن هذه النتيجة “تعكس الجهود المشتركة التي بذلتها كافة الأطراف المعنية، وتجسد التنسيق المثمر بين المؤسسة وباقي المتدخلين، مما ساهم في خلق أجواء حوار ملائمة، وساعد على بناء الثقة وتسهيل تبادل الرأي وفرص تقريب وجهات النظر، التي أنتجت حلولاً تضمن استجابة دستورية وقانونية فعالة وواقعية للملف المطلبي المعبر عنه منذ انطلاق الأشكال الاحتجاجية”.
ونوه البلاغ بما قال إنه تجاوب كبير وتفاعل إيجابي ومسؤول اتسمت به المشاورات المجراة مع رئيس الحكومة، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، ومع عمداء كليات الطب والصيدلة، وممثلي أساتذة التعليم العالي، وممثلي الطلبة المعنيين، وممثلي بعض هيئات المجتمع المدني النشيطة في المجال، وكل المعنيين الذين تسنى الإنصات إليهم حول كافة جوانب الموضوع في مراحل مختلفة.
وكانت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة قد أعلنت عن توقيع محضر تسوية مساء أمس الخميس مع الحكومة، ممثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تحت إشراف وسيط المملكة.
وجاء هذا الاتفاق بعد 11 شهرا من الإضراب المفتوح الذي انطلق في 16 ديسمبر 2023، وشهد حراكا طلابيا ووقفات احتجاجية وتحديات كبيرة، كان أبرزها مواجهات مع الجهات الأمنية وجلسات استماع أمام القضاء.
وبحسب تصريح صحفي للجنة توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، فإن هذا الاتفاق جاء نتيجة ليوم ديمقراطي جرى في كليات الطب والصيدلة، حيث أدلى الطلبة بأصواتهم بكثافة في صناديق الاقتراع للتصويت على المقترح الحكومي وتعليق الإضراب. معربة عن تقديرها “للجهود التي بذلها وسيط المملكة في التوسط بين الأطراف ودفع عملية التسوية”.
وتضمن محضر التسوية وفق تصريح اللجنة “استجابة لأغلبية مطالب الطلبة، والتي تضمنت تحسين ظروف التكوين الطبي، ورفع جودة العرض الصحي، بما يعكس تطلعات الطلبة والشعب المغربي نحو تعليم طبي أفضل وخدمات صحية متطورة”.
وكانت مصادر جريدة “العمق” قد كشفت أمس الخميس أن طلبة الطب يجرون تصويتا جديدا للرد النهائي على العرض الذي قدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لمؤسسة الوسيط، وذلك بعد جدل كبير أثارته نتائج التصويت الذي تم بالجموع العامة أول أمس الأربعاء.
ويتضمن التصويت الذي كان من المقرر أن ينتهي بحلول الساعة الثالثة من زوال أمس الخميس، موقف الطلبة من العرض الحكومي، ومن استمرار المقاطعة، ومن إمكانية احترام رأي الأغلبية بشأن بقاء المقاطعة بغض النظر عن نتيجة التصويت.
ويأتي هذا التصويت نتيجة خلاف طال نتائج التصويت الذي تم أول أمس الأربعاء، والتي أسفرت وفق مصادر الجريدة عن رفض العرض الحكومي بنسبة تقارب 57%، وسط تهديد من الطلبة الموافقين على العرض بإنهاء المقاطعة وعدم الامتثال لرأي الأغلبية. ومطالب للجنة باتخاذ قرار أحادي يقضي بالموافقة على العرض.
وكانت مصادر مقربة من اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان قد كشفت لـ“العمق” أن طلبة الطب رفضوا العرض الذي تقدمت به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لمؤسسة الوسيط، وذلك بناء على نتائج التصويت الذي تم بالجموع العامة للطلبة أمس الأربعاء.
وأضافت ذات المصادر أنه في الوقت الذي صوت فيه ما يقرب من 60% من الطلبة بكليتي الطب والصيدلة بوجدة والدار البيضاء، وأزيد من 60% بكلية الطب والصيدلة بالرباط لفائدة العرض الحكومي، رفض أغلبية طلبة الطب بباقي الكليات العرض الحكومي.
وكانت الجريدة قد نشرت في وقت سابق تفاصيل العرض الذي تقدمت به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والذي وافقت من خلاله على مجموعة من مطالب اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، لا سيما ما يرتبط باحترام مبدأ الشرعية القانونية وتطبيق القرار الوزاري وفق أسس واضحة سعياً لإنهاء الأزمة التي تشهدها كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة.
كما ينص المقترح الحكومي على عدم تطبيق قرار تقليص سنوات الدراسة في كليات الطب إلى ست سنوات على الطلبة الذين التحقوا بالكليات قبل 13 مارس 2023، تاريخ نشر القرار الوزيري في الجريدة الرسمية.
وبموجب مقترح الحكومة، سيتم إعفاء الأفواج التي التحقت قبل العام الدراسي 2022-2023 من قرار التكوين الجديد، والإبقاء على مدة الدراسة في النظام القديم الممتدة إلى سبع سنوات، والتي كانت مطبقة قبل الإصلاح الجديد.
كما يتضمن المقترح رفع العقوبات التأديبية عن الطلبة وإعادة تنظيم التمثيلية الطلابية في القرارات الخاصة بالكليات، فضلاً عن الالتزام بتنفيذ مخرجات الحوارات السابقة، والتي تشمل زيادة المنح المالية للطلبة وإصلاح برامج السلك الثالث بناءً على الاتفاقات السابقة.
وكان مصدر مقرب من اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة قد رفض التعليق على المقترح الحكومي، في تصريح منه للجريدة، واكتفى بالقول إن الموافقة على المقترح الحكومي أو رفضه ستعتمد على نتائج تصويت الجموع العامة للطلبة، والتي ستحدد القرار النهائي للمضي قدما في إنهاء الأزمة وفق تعبيره.
وفي وقت سابق، دعا عدد من آباء وأولياء طلبة الطب أبناءهم إلى التصويت بالإيجاب على المقترح الحكومي ضمن الجموع العامة للطلاب، معبرين عن ثقتهم في الشخصيات الوطنية المسؤولة التي تولت الحوار في الآونة الأخيرة، ومؤكدين أن المناخ الحالي يمهد لعودة الحياة الدراسية الطبيعية وإنهاء معاناة الطلبة الموقوفين وإيقاف المتابعات القضائية التي شملت 27 طالباً.
وأشار آباء طلبة الطب إلى أن التصويت الإيجابي يشكل دعما لمسار الحوار البنّاء الذي يقوده وزير التعليم العالي عز الدين الميداوي، وأكدوا أن هذا القرار سيسهم في تعزيز الثقة في الجهات المسؤولة عن تطوير النظام البيداغوجي في ظل رؤية شاملة لتحقيق الرهانات الاستراتيجية في مجال الحماية الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية الوطنية.