يواصل نادي مكة الثقافي الأدبي نشاطه الثقافي بطرح العديد من المحاضرات والندوات والأمسيات الثقافية، حيث كان آخرها اللقاء الثقافي الذي أقيم عبر تطبيق الزوم بعنوان: "الرواية السعودية من النص إلى السينما".
شارك في اللقاء كل من الدكتورة كوثر بنت محمد القاضي التي أدارت الحوار بمهارة واهتمام، والدكتور عادل خميس، والدكتور خالد ربيع كمتحدثين رئيسيين في الجلسة.
افتتحت الدكتورة كوثر القاضي اللقاء بترحيب بالحضور وتقديرٍ لدور نادي مكة الثقافي الأدبي، ممثلًا برئيس النادي الدكتور حامد الربيعي، في إقامة مثل هذه اللقاءات الثقافية النوعية التي تساهم في تطوير المشهد الثقافي، وتحفيز النقاش حول موضوعات ترتبط بالثقافة والإبداع.
أعمال سينمائية
وأوضحت الدكتورة كوثر أن هذا اللقاء يهدف إلى فتح آفاق جديدة لفهم العلاقة المتينة بين الكلمة المكتوبة والصورة السينمائية، وكيفية تحويل الروايات الأدبية إلى أعمال سينمائية.
د. كوثر القاضي
واستعرضت السير الذاتية للدكتورين المشاركين، مؤكدةً على دورهما البارز في الأدب والنقد السينمائي، وطرحت المحاور التي سيناقشها اللقاء، والتي تضمنت أسئلة حول كيفية بناء العلاقة بين النص الأدبي والصورة السينمائية، وكيف يتجاوز النص الروائي إلى الفضاء البصري من خلال السينما.
وأثارت عدة تساؤلات مهمة منها: "هل تبدأ الفكرة من الرواية أم من الفيلم؟"، و"ما الدور الذي تلعبه السينما في إثراء النصوص الأدبية وتقديمها بصيغة مغايرة وجديدة؟".
بدأ الدكتور عادل خميس حديثه باستعراض علاقة الكلمة بالصورة، موضحًا أنها علاقة متداخلة ومترابطة، حيث تعد الكلمة علامة صوتية، فيما تكون الصورة علامة بصرية، إلا أنهما يتشابهان في المدلول، حيث تبرز الصورة كنتاجٍ انعكاسيّ لما تحمله الكلمة من دلالات في المخيلة.
أشار خميس إلى أن هذا التداخل بين العلامتين يحمل بعدًا سيميائيًا عميقًا، موضحًا أن البعد السيميائي يفسر كيفية التقاطع بين الكلمة والصورة، وكيف تسهم السينما والأدب معًا في بناء صورة ثقافية متكاملة.
واستدل الدكتور خميس بمؤلفات وأطروحات رائدة في مجال السيميائيات، ومنها بحث رولان بارت حول سيميولوجيا الصورة، الذي يوضح نقاط الالتقاء بين الكلمة المكتوبة والصورة، حيث تساهم كل منهما في صياغة معنى وتوسيع حدود التخيّل.
د.عادل خميس
دعم المشاريع الفنية
وأضاف أن الأدب، بصفته فنًا، ينتمي إلى ذات الحقل الفني الذي تنتمي إليه الصورة، وأن السينما، باعتبارها جزءًا من هذا المجال، تشارك الأدب في القدرة على تفسير العالم من خلال طرح تساؤلات نقدية وبناء عوالم موازية تعكس وتنتقد الواقع.
وبين خميس، أن تجربة السينما تتطلب من مرتاديها التركيز والتفرغ لعدة ساعات في مكان مظلم، يشاهدون من خلاله ما يعرض على الشاشة من مشاهد وصور، مما يعزز من ارتباط المشاهد بالحدث ويعمق تجربته في تلقي الرسائل والمعاني.
ويرى خميس، أن من مزايا السينما البارزة هي قدرتها على فتح آفاق جديدة للتفكير والتخيّل والنقد، وأنها تخلق عوالم موازية تعكس الحياة بجوانبها المتعددة، وتبرز كتجربة فكرية تعكس التباين وتدعم النقد البناء.
وفي حديثه عن الروايات السعودية التي تحولت إلى أفلام، أشار خميس إلى رواية "بريق عينيك" للكاتبة السعودية سميرة خاشقجي، موضحًا أنها قد تكون أول رواية سعودية تحولت إلى فيلم سينمائي في منتصف الستينيات، حيث شارك في بطولتها ممثلون مصريون بارزون مثل مديحة كامل، وحسين فهمي، ونور الشريف، واصفًا العمل بأنه إضافة مميزة إلى تاريخ السينما العربية الرومانسية.
فيما ركّز الدكتور خالد ربيع في مداخلته على كيفية تحويل النصوص الروائية إلى نصوص سينمائية، مستعرضًا دور السيناريو في إعادة بناء القصة الأصلية بما يتناسب مع المعايير السينمائية.
وتحدث ربيع، عن تحديات تحويل النصوص الأدبية إلى سيناريوهات جاهزة للإنتاج السينمائي، مؤكداً على أهمية توازن السينما بين الأمانة للنص الأصلي والابتكار البصري.
وفي ختام اللقاء، نوّه المشاركون بأهمية استمرار الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة السعودية وهيئة الأفلام وجمعية السينما في دعم المشاريع الفنية التي تستهدف تحويل الروايات السعودية إلى أعمال سينمائية، مشددين على ضرورة الاحترافية والحرص في التعامل مع النصوص الأدبية، ابتداءً من مرحلة كتابة السيناريو وصولًا إلى الإنتاج.