إسرائيل تدخل على خط الصراع في أرض الصومال - الآن نيوز

0 تعليق ارسل طباعة

الجمعة 01/نوفمبر/2024 - 01:38 م 11/1/2024 1:38:27 PM


تجذب أرض الصومال انتباه العديد من الدول بسبب موقعها الجيوسياسي.. بعد أن كانت مستعمرة بريطانية سابقة، تحدها إثيوبيا وجيبوتي والصومال، كمنطقة تتمتع بالحكم الذاتي في الصومال، قبل أت تُعلن انفصالها عن الصومال بعد عام 1991.. تتمتع بموقع مهيمن على خليج عدن، وهي قريبة من مدخل مضيق باب المندب، الذي يمر عبره ما يقرب من ثلث الشحنات البحرية في العالم.. وقد جعل خطها الساحلي، أرض الصومال وجارتيها إريتريا وجيبوتي، شركاء جاذبين لمختلف الدول التي تسعى إلى الوصول البحري والتواجد في المنطقة، إذ تمتلك أرض الصومال ساحلًا يبلغ طوله أربعمائة وستين ميلًا على خليج عدن، بما يعني أنها تحتل موقعًا مهمًا للتحكم في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وفي مكافحة القرصنة والإرهاب والتهريب.. ولذا، تسعى إسرائيل إلى إقامة علاقات طيبة معها، على وعد بالأعتراف بأرض الصومال، دولة مستقلة، لمصالحها الخاصة.. إذ، ونظرًا لافتقارها إلى العمق الاستراتيجي الجيوسياسي، تشعر إسرائيل بالحاجة إلى التمركز في أرض الصومال، من أجل تفعيل أمنها القومي من على بعد أميال، وتحدي الوجود الحوثي في اليمن.. وهناك أيضًا فرص اقتصادية، بطبيعة الحال، وبعض الفوائد المترتبة على زيادة العلاقات الدبلوماسية.
وباعتبارها دولة صغيرة في وسط العالم العربي، الذي تعتبره تهديدًا محتملًا، فقد شعرت إسرائيل تاريخيًا بالحاجة إلى توفير عمق استراتيجي لنفسها.. وكما رأينا في السابع من أكتوبر 2023، فإن دولة الاحتلال معرضة للغزو المسلح.. ومنذ ذلك الحين، رأينا إسرائيل ترتكب إبادة جماعية مستمرة في غزة، ومؤخرًا تحول قوتها النارية إلى لبنان في الشمال.. وكان المدنيون الضحايا الرئيسيين في كليهما.. لذلك، سعت دولة الاحتلال إلى إنشاء منطقة آمنة لأمنها، بعمق استراتيجي في مناطق مختلفة.. ففي شرق البحر الأبيض المتوسط، على سبيل المثال، تتصدر قبرص هذا الدور، لقربها الشديد من لبنان وتهديد حزب الله، وفي القرن الأفريقي، تريد إسرائيل تحقيق أهداف مماثلة في أرض الصومال، التي تعتبر الحلقة الأخيرة في سلسلة مكافحة وكلاء إيران، وخصوصًا الحوثيين في اليمن.. وتستثمر الصين في موانئ المنطقة، في حين تحاول تركيا إنشاء قاعدة في الصومال.. وتحاول الإمارات العربية المتحدة أيضًا تطوير وجودها في عدد من البلدان، وخصوصًا أرض الصومال.. وبالإضافة إلى هذه الدول، تتمتع المنطقة بأهمية استراتيجية كبيرة للمصالح الإسرائيلية.
لكن، لا ينبغي لنا أن ننظر إلى اهتمام إسرائيل بأرض الصومال من منظور أمني فحسب.. ذلك أن أرض الصومال تتمتع باقتصاد متنامٍ، يوفر فرص الاستثمار في الزراعة والطاقة والبنية الأساسية، من بين قطاعات أخرى.. والحقيقة، أن الزراعة في أرض الصومال تتميز بأنها زراعة كفاف وأن الدولة مستوردة للغذاء، وهو ما يمنح إسرائيل فرصة لزيادة نفوذها في المنطقة.. ومن الممكن أن تخدم تعبئة إسرائيل الزراعية في المناطق غير المناسبة للزراعة وجهودها الرامية إلى إنشاء مجتمعات زراعية، على غرار نموذج الكيبوتس الخاص بها، كوسيلة ضغط في الحصول على قاعدة عسكرية في أرض الصومال.. ومن الممكن أن تؤدي استثمارات إسرائيل في أرض الصومال ومشاريع التنمية المحتملة، إلى تعزيز تواجدها في منطقة القرن الإفريقي، وتوسيع هيمنتها على بلدان أخرى في المنطقة.
وتتمتع الإمارات العربية المتحدة بعلاقات وثيقة مع البلدين، إذ لديها قاعدة عسكرية في أرض الصومال، في علاقة تعود إلى عام 2017.. وكانت أبو ظبي من أوائل العواصم التي تعاملت مع أرض الصومال، ولديها استثمارات هناك.. علاوة على ذلك، تقوم الإمارات العربية المتحدة بتدريب قوات الأمن في أرض الصومال.. ويشكل هذا التعاون أساس الشراكة الاستراتيجية بينهما.. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت شركة موانئ دبي العالمية، مشروعًا بقيمة 101 مليون دولار لتوسيع ميناء بربرة، الذي تعتبره بديلًا للميناء في جيبوتي.
لقد قامت الإمارات العربية المتحدة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، من خلال (اتفاقيات إبراهام)، التي روج لها دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، عام 2020، وحافظت على تلك العلاقات.. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الإمارات تتوسط نيابة عن إسرائيل لإقامة قاعدة عسكرية في أرض الصومال.. وتشير المصادر إلى أن الإمارات لم تُقنع حكومة أرض الصومال بإقامة القاعدة فحسب، بل وافقت أيضًا على تمويلها.. وفي المقابل، تم تقديم ضمانات بأن إسرائيل ستعترف بأرض الصومال وتستثمر في المنطقة.. وهناك منفعة متبادلة من وساطة الإمارات العربية المتحدة، حيث ترى كل من أبو ظبي وتل أبيب الحوثيين كعدو مشترك، وتعتقدان أنهما قادران على كسر دائرة نفوذ إيران من خلال هذا التعاون.
بالإضافة إلى أرض الصومال، قد تكون جزيرة سوقطرة اليمنية أيضًا ضمن الأهداف التي تسعى إسرائيل والإمارات إلى تحقيق عمق استراتيجي أكبر في منطقة القرن الإفريقي.. وفي حين كانت الإمارات تخطط للسيطرة على الجزيرة قبل بدء الحرب الأهلية اليمنية، فقد تم الكشف في الأشهر الأخيرة، عن أنها تخطط لإنشاء قاعدة هناك مع إسرائيل.. وبحسب صحيفة معاريف العبرية، اتفقت الإمارات مع إسرائيل على إنشاء مُنشأة عسكرية واستخباراتية مشتركة في سوقطرة.. وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذا التعاون يتجلى في القاعدة العسكرية الإماراتية ـ الإسرائيلية قيد الإنشاء في جزيرة عبد الكوري، وهي جزء من سلسلة جزر سوقطرة.
●●●
في 2020، نشرت صحيفة (جيروزاليم بوست) العبرية مقالًا، حول سبب اهتمام إسرائيل بأرض الصومال، تقول فيه، إن أرض الصومال منطقة صغيرة على الساحل الجنوبي لخليج عدن، أعلنت إنفصالها عن دولة الصومال في تسعينيات القرن الماضي، ويُنظر إليها عمومًا على أنها جزء من الصومال.. إنها مثال لمنطقة ناشئة ومستقرة، ذات إمكانيات اقتصادية وأهمية استراتيجية في القرن الإفريقي.. وبناءً على المحادثات الأخيرة مع أولئك المطلعين على المنطقة، فإن التطورات الأخيرة في العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، تُقدّم فرصة للنظر إلى أرض الصومال ومنطقتها، كمكان يجب أن تنتبه إليه تل أبيب والشرق الأوسط أكثر، وهي التي استقلت لفترة وجيزة في عام 1960 بعد أن كانت في السابق تحت الحماية البريطانية، قبل أن تنضم إلى الصومال الكبرى.. واليوم، أصبحت المنطقة منفصلة مرة أخرى، ولكن غير معترف بها إلى حد كبير من المجتمع الدولي. 
أرض الصومال، التي تشكل الثلث الشمالي من الصومال، تتمتع بعلاقات مهمة بشكل متزايد مع الإمارات العربية المتحدة.. وتتمتع المنطقة بواحد من أطول مدارج الطائرات في إفريقيا، وهو إرث من الحقبة السوفيتية.. ميناء بربرة استراتيجي وله استثمارات من الإمارات، لكن (الشيء الوحيد الذي نفتقده هو الاعتراف الدولي بنا)، كما يقول أحد مسئوليها.. وتتمتع أرض الصومال بعلاقات جيدة مع جيبوتي المجاورة، والتي تعد مركز قاعدة بحرية فرنسية، وأصول عسكرية أمريكية، ولديها ممثلون في عدد من البلدان.. تم تدريب خفر سواحلها من قِبل المملكة المتحدة، بسبب القرصنة في المياه المجاورة.. والآن، تشهد دول القرن الإفريقي منافسة متزايدة من قبل القوى العالمية على النفوذ.. تبني تركيا قاعدة كبيرة في الصومال، وتستثمر الصين في الموانئ.. وعلى هذا النحو، فإن أرض الصومال لها أهمية استراتيجية.. يقول السكان المحليون إنها منطقة واجهت المتطرفين الذين يسيطرون على الصومال المجاورة، وكانت مستقرة منذ عقود.
وهنا، ينشأ السؤال: هل إسرائيل مكان يمكن لأرض الصومال أن تتطلع إليه الآن؟.
التقى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالزعيم السوداني، وتواصل مع تشاد.. وبعد الإمارات العربية المتحدة، يمكن أن تكون أماكن مثل أرض الصومال ذات أهمية لإسرائيل ولها مصالح فيها.. إذ يقول أحد سكان أرض الصومال، (ليست لدينا مشكلة مع إسرائيل).. ولأرض الصومال دور تلعبه في استقرار القرن الإفريقي.. فعبر البحر يقع اليمن في الجانب الآخر، حيث تدور رحى حرب أهلية طاحنة.. دول مثل الإمارات العربية المتحدة لديها مصالح في جزيرة سوقطرة، التي تقع قبالة سواحل الصومال واليمن.. وهناك مخاوف من تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين في اليمن، وقد أوقفت البحرية الأمريكية ثلاث شحنات إلى اليمن في العام الماضي وحده.. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج القيادة الأميركية في إفريقيا إلى أماكن مستقرة مثل أرض الصومال، لأن أمريكا تحاول بشكل متزايد، استخدام الطائرات بدون طيار ضد المتطرفين في الصومال المجاورة وعبر منطقة الساحل.. وتحارب فرنسا التطرف المتزايد الذي ابتليت به مالي والدول الأخرى.. نيجيريا والنيجر تعانيان من نفس البلاء.. ومع ذلك، تبدو أرض الصومال بمثابة مرساة للاستقرار في أحد طرفي منطقة الساحل، مع السنغال على الطرف الآخر في غرب إفريقيا.
يشكل المسلمون 99٪ من سكان أرض الصومال.. ويقول السكان المحليون، إن معظمهم معتدلون ويتبعون المذهب الشافعي للشريعة الإسلامية.. لقد تم تهديدهم منذ سبعينيات القرن الماضي بالتطرف المتزايد في البلدان المجاورة.. ومع ذلك، يزعمون أنهم أبعدوا المتطرفين.. ومع التغييرات في السياق الجيوسياسي للمنطقة، التي تربط بين إسرائيل والإمارات واليونان وقبرص ومصر، في شبكة أوثق من المصالح المشتركة، يمكن أن تكون أرض الصومال منطقة مهمة لهذه المجموعة من البلدان.. ونظرًا لأنها أبقت التطرف بعيدًا، وتلعب دورًا مهمًا في القرن الإفريقي عبر اليمن، فهي ذات أهمية متزايدة بالنسبة للبلدان الواقعة على المحيط الهندي وعبر الشرق الأوسط. 
■■ والخلاصة..
فإن هناك العديد من المزايا التي تعود على إسرائيل من الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة.. وتشمل هذه المزايا تعزيز أمنها، ومواجهة التهديدات الإقليمية، وخلق فرص اقتصادية جديدة، وتحسين العلاقات الدبلوماسية، ودعم الحكم في المنطقة.. وفي منطقة تتنافس فيها العديد من القوى على حصة، بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها، من المتوقع أن تدخل إسرائيل السباق، من خلال شريك محلي هو أرض الصومال، الذي تستبعده العديد من البلدان.. فهل تُكمل إسرائيل دائر الصراع على أرض الصومال؟.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق