توقعات بزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وانتعاش طويل الأمد للسوق
أكدت المؤشرات الاقتصادية نجاح مصر فى تطبيق سياسات إصلاحية جذرية على مدى السنوات الماضية، من بين تلك المؤشرات رفع التصنيف الائتمانى وزيادة الاحتياطى النقدى ونمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
«الدستور» رصدت آراء خبراء الاقتصاد حول دلالات تلك المؤشرات، مثل رفع التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة «B» مع نظرة مستقرة، واستمرار ارتفاع الاحتياطى النقد الأجنبى ليصل قرب ٤٧ مليار دولار، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج وزيادة التدفقات النقدية الدولارية والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال الخبراء، لـ«الدستور»، إن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح نحو تحقيق استقرار اقتصادى ونمو مستدام، مشيرين إلى أن نجاح هذه السياسات يسهم فى تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين فى الاقتصاد المصرى، ويؤكد أن الدولة على استعداد لمواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة فى ظل ظروف اقتصادية عالمية متغيرة.
ونوهوا بأن تلك المؤشرات الاقتصادية تمثل دليلًا واضحًا على قدرة الحكومة على تجاوز التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، وتحقيق استقرار اقتصادى وتنمية مستدامة.
الاحتياطى النقدى المصرى زاد بشكل مستمر رغم الأزمات العالمية
بداية، ذكر الخبير المصرفى محمد عبدالعال، أن المؤشرات الاقتصاد المصرى تدعو للتفاؤل والثقة فى الدولة فى ظل البيانات الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية، سواء صندوق النقد الدولى أو مؤسسات التصنيف الائتمانى، مشيرًا إلى أن كل المؤشرات تؤكد الاستقرار الاقتصادى وحدوث انفراجة كبيرة، سواء فى تراجع معدلات التضخم، أو استقرار سعر الصرف وقوة الملاءة المالية للدولة.
وتوقع «عبدالعال» أن ترفع مؤسسات التصنيف الائتمانى تصنيف مصر إلى درجة «B+» خلال الربع الأول لعام ٢٠٢٥، لافتًا إلى أن الحكومة سددت نحو ٣٠ مليار دولار من التزاماتها الدولية خلال الـ٦ أشهر الأولى من العام الجارى، وستسدد نحو ٣٠ مليار دولار أخرى خلال الـ٦ أشهر المقبلة، وهذا يؤكد قوة الملاءة المالية لمصر والتزامها بسداد الديون فى موعدها، إضافة لمواصلة احتياطى النقد الأجنبى الارتفاع؛ ليقترب من ٤٧ مليار دولار خلال شهر أكتوبر الماضى.
وشدد على أن هذه المؤشرات تعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى أطلقته الحكومة منذ عام ٢٠١٦، موضحًا أن رفع وكالة «فيتش» التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة، شهادة دولية على نجاح الإصلاحات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعزز من جاذبية مصر كوجهة استثمارية، ما يعكس قدرة الحكومة على تحقيق استقرار اقتصادى وجذب تدفقات استثمارية جديدة، ما يسهم فى تعزيز الاقتصاد الوطنى على المدى الطويل.
من جهته، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، إن احتياطى النقد الأجنبى ارتفع على مدار الـ٧ أشهر الماضية، من ١ مارس إلى شهر أكتوبر، ليقترب من ٤٧ مليار دولار، وهذا مؤشر إيجابى يعكس قدرة الاقتصاد المصرى على الصمود فى مواجهة التحديات العالمية.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن الدولة تمكنت من الحفاظ على استقرار الاحتياطى النقدى، ما يعزز من استقرار العملة المحلية ويؤكد قدرة الدولة على مواجهة أى ضغوط اقتصادية قد تطرأ، على الرغم من الأزمات العالمية، منها التضخم المرتفع وأزمات سلاسل التوريد العالمية.
وأشار إلى أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج وعودة التدفقات النقدية تدفعان الاقتصاد المصرى إلى النمو والاستقرار، ما سيؤدى إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية الآتية لمصر، مشددًا على أن ارتفاع الاحتياطى النقدى إحدى الأدوات الأساسية لتحقيق استقرار مالى، ويوفر مساحة أكبر للتعامل مع تقلبات السوق العالمية وأزمات السيولة.
بدوره، ذكر الدكتور فتحى السيد، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بنها، أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى مصر زادت بشكل ملحوظ، خاصة فى القطاعات الحيوية؛ مثل الطاقة المتجددة والصناعة والبنية التحتية، مشيرًا إلى أن أكبر المشروعات الاستثمارية الكبرى «مشروع رأس الحكمة فى الساحل الشمالى» أحد عوامل جذب الاستثمارات؛ إذ يمثل هذا المشروع جزءًا من خطة الحكومة لتنويع الاقتصاد وزيادة فرص العمل.
وأضاف «السيد» أن الاقتصاد المصرى قادر على جذب استثمارات أجنبية تتخطى ٥٠ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٤/٢٠٢٥، لافتًا إلى أن تحسن بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار فى مصر وجذب استثمارات إضافية فى مشاريع ضخمة، سيعزز من مكانتها كمركز اقتصادى رئيسى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقال الخبير الاقتصادى، الدكتور على الإدريسى، إن هذه المؤشرات الإيجابية نتيجة مباشرة للسياسات الحكومية الرشيدة التى جرى تطبيقها خلال السنوات الأخيرة، والتى شملت توسيع القاعدة الضريبية وتحسين كفاءة الإنفاق العام وضبط العجز المالى وتحسين المناخ الاستثمارى؛ عبر تسهيل الإجراءات البيروقراطية وتشجيع الاستثمارات فى القطاعات الحيوية.
وأضاف «الإدريسى» أن هذه السياسات أسهمت فى استقرار الاقتصاد المصرى وأدت إلى تحسن مؤشرات المالية العامة، ما انعكس إيجابًا على التصنيف الائتمانى، وأدى إلى تحسن البيئة الاستثمارية.
وأشار الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلى أن من أبرز الإصلاحات التى اتخذتها الحكومة هى سياسة مرونة سعر الصرف، والتى ساعدت فى تحقيق توازن أكبر بين العرض والطلب على العملات الأجنبية.
وذكر «السيد» أن مرونة سعر الصرف أثمرت قدرة الاقتصاد المصرى على التكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية دون الحاجة إلى التدخلات النقدية المتكررة، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ساعدت فى زيادة الصادرات المصرية وتحسين التنافسية الاقتصادية لمصر، كما أسهمت فى تعزيز الاحتياطيات النقدية ودعمت استقرار العملة المحلية فى مواجهة التقلبات العالمية.