منذ أكثر من 50 عامًا، عاش المصريون على مساحة تتراوح من 5 إلى 6% من مساحة مصر، وتُرك الباقي للصحراء دون أي استغلال لهذه القيمة الجغرافية التي تتفرد بها البلد دون أي بلد آخر، حيث كان عدد السكان حوالي 25 مليون مواطن، ورغم الزيادة السكانية كل عام إلا أن المساحة تكاد لا تتغير، الأمر الذي انعكس بالسلب على الأراضي الزراعية.
أهمية المدن الجديدة
تلك الحالة بالتفصيل، شرحها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر عُقد أمس بالعاصمة الإدارية الجديدة، مفسرا الأسباب التي دفعت الدولة المصرية إلى إنشاء المدن الجديدة، مؤكدا أنه لولا هذه المدن لتأثرت الأراضي الزراعية بشكل كبير نتيجة الزحف العمراني عليها خاصة مع وصول عدد السكان إلى 107 ملايين مواطن.
أكد رئيس الوزراء، أن ترك الأمر لـ 50 عاماً دون وجود حلول نتيجة المواد الذاتية للدولة تسبب في ظهور العشوائيات والتي بلغت تكلفة إصلاحها أضعاف أضعاف إنشاء مدينة جديدة، لذا فإن التخطيط لإنشاء مدن جديدة لم يكن رفاهية، خاصة وأن المدن ستخدم الشباب المصري خلال الـ5 أو 10 سنوات المقبلة.
توفير خدمات وإنشاء مدارس
الفكرة التي عملت عليها الدولة، وفق رئيس الوزراء، هي التطوير والبناء وإتاحة إسكان لكل الفئات وتوفير خدمات وإنشاء مدارس ومستشفيات لخلق تنمية مخططة للمستقبل بدلاً من العشوائيات دون تحميل الدولة أي موارد أو أعباء مالية، مؤكدا أنه لم يكن هناك أي خيار آخر غير ذلك أمام الدولة المصرية، لافتا إلى أن مصر لديها أنجح تجربة على مستوى العالم في إنشاء المدن الجديدة.
استرشد رئيس الوزراء خلال شرحه بما يُدرس حالياً في الكُتب وهو أن الحلول تكمن في زيادة الرقعة المعمورة في مصر من 15 إلى 20%، موضحاً أن الرقعة الآن وصلت إلى 14%، نتيجة تنمية الصحراء الشرقية والغربية.
تمثلت أبرز المدن الجديدة التي أنشأتها الدولة المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومدينة ناصر غرب أسيوط ومدينة غرب قنا ومدينة توشكى الجديدة ومدينة أسوان الجديدة ومدينة ملوي الجديدة ومدينة الفشن الجديدة ومدينة بني سويف الجديدة ومدينة النوبارية الجديدة ومدينة أسيوط الجديدة ومدينة طيبة الجديدة.
إعادة توزيع السكان من الشريط الضيق
وفي سياق متصل، فسّر الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ التنمية المستدامة، أهمية وجود المدن الجديدة، موضحاً أنها تستهدف الهدف من إنشاء المدن الجديدة، هو خلق مراكز حضارية جديدة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والرخاء الاقتصادي، وإعادة توزيع السكان من الشريط الضيق على الوادي وإقامة مناطق جذب مستحدثة، ومعالجة مشكلات الزحف العمراني وحماية الأراضي الزراعية ووضع حد للعشوائيات والقضاء عليها.
وقال «شحاتة» لـ«الوطن»، إنه لولا وجود هذه المدن لحدث هناك قصور في الاستقرار الاجتماعي والرخاء الاقتصادي ولا تستطيع الدولة التصدي لمشكلات الزحف العمراني وحماية الأراضي الزراعية ولا تستطيع أيضاً وضع حد للإسكان والمساكن العشوائية، مؤكداً أن الدولة عملت على إعادة توزيع السكان وتحديث الخريطة السكانية والعمرانية: «تقوم بتطوير سياسة عمرانية وطنية جديدة تستهدف تعزيز الرخاء والرفاهية الاجتماعية وتحسين جودة الحياة وخلق فرص للتنمية المستدامة وتوفير بيئة عمرانية أفضل».
وأشاد الدكتور ياسر شحاتة، بما حققته الدولة في هذا الملف، موضحاً أن كل هذه الجهود تُترجم في جلسات ومناقشات المنتدى الحضري العالمي الذي يتم تنظيمه بمشاركة عالمية ومجتمعية واسعة.