الخميس 07/نوفمبر/2024 - 09:08 ص 11/7/2024 9:08:24 AM
كنت قد تابعت في التاسع من شهر يوليو الماضي جلسة مجلس النواب على الهواء مباشرة والتي تم خلالها عرض برنامج حكومة دكتور مصطفى مدبولي على نواب الشعب، ثم حدث أن تابعت بالمصادفة قبل أيام قليلة على شاشة التليفزيون الوطني إحدى جلسات مجلس النواب والتي ناقش النواب خلالها قانون الإجراءات الجنائية الجديد. لم يكن هناك تنويه مسبق بنية أو توقيت بث الجلسة، فتابعت مهتما ربما كنوع من النوستالجيا وربما لأهمية القانون الذي أعرف أنه استغرق ما يصل إلى العامين من الصياغة والنقاش والتعديل، وأعلم أن تدخل السيد الرئيس كان وراء خروج هذا القانون للنور في النهاية.
في حقيقة الأمر شاهدت أداء سياسيا رصينا وثباتا لغويا عند معظم النواب، وإدارة حكيمة للفقيه الدستوري دكتور حنفي الجبالي رئيس المجلس. وخلال متابعتي استدعت ذاكرتي جلسات مجلس الشعب إبان رئاسة دكتور أحمد فتحي سرور والتي كان يتم بثها سواء على الهواء أو من خلال رسائل يومية مطوّلة فكنا نطّلع نحن المواطنين على أداء نوابنا، ما يجعل الناخبين على علم بنشاط المجلس عموما ونوابهم على وجه التحديد، ليأتي بعد ذلك وقت الحساب أمام صناديق الاقتراع حين يحين موعد الانتخابات من جديد.
أكاد أتفهم أسباب عدم الحرص على نقل الجلسات العامة بانتظام منذ نحو ثمانية أعوام مضت، والاكتفاء بنقل مقتطفات من الجلسات. أما اليوم وقد عادت الأمور السياسية والأمنية الداخلية للاستقرار من جديد بفضل الله ثم نتيجة للجهود المضنية التي بذلتها القيادة السياسية لما يزيد على عقد كامل بعد أن تولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي سُدة الحكم في البلاد، فظني أن الأمور أصبحت مواتية لنقل الجلسات.
خلال السنوات الأخيرة عادت الأمور إلى نصابها، واستقرت الحياة الحزبية فاختفت أو انزوت أحزاب وتشكلت أحزاب أخرى،وأعادت الممارسة السياسية خريطة القوى داخل البرلمان لنرى وجوها شابة تبشر بمستقبل سياسي واعد بجانب ذوي الخبرات من النواب القدامى. ومن ثم فقد صار من الطبيعي أن يتابع الشعب نشاطات نوابه بل وشيوخه أيضا سواء من حيث التشريعات الجديدة التي يتم سّنها، أو من خلال الدور الرقابي للبرلمان والمتمثل في مناقشة طلبات الإحاطة أو الاستجوابات وغيرها من الأدوات الرقابية التي كفلها دستور البلاد لنواب الشعب.
و رغم ما قد يؤخذ على بعض النواب من استغلال البث المباشر لاستعراض قدراتهم الخطابية أو إطالة أمد المداخلة ليصولوا ويجولوا أمام دوائرهم عبر شاشات التليفزيون، إلا أن منصفا لا يمكنه أن يغفل دور هذا البث في إثراء الحياة السياسية عموما، وفي كشف بعض النواب الذين لا ينتظمون في حضور الجلسات أو أولئك الذين تنقضي الدورة البرلمانية كاملة دون أن يطلبوا كلمة أو يستخدموا حقهم الدستوري في رقابة أو تشريع.
كانت النائبة أميرة صابر عضو تنسيقية شباب الأحزاب قد تقدمت باقتراح بقرار لرئاسة المجلس تقترح فيه عودة بث الجلسات كاملة على الهواء كحق أصيل للشعب لمتابعة ولا أقول لمراقبة أداء نوابه، فربما يكون في هذا الأمر تشجيعا للمواطنين للتغلب على مشكلة العزوف عن الممارسة السياسية. بالطبع، لا يمكن لعاقل أن يطلب بث الجلسات التي تناقش أمورا تتعلق بالأمن القومي، ولكن طلب البث المباشر يتمثل في تلك الجلسات التي تناقش أمورا حياتية للمواطنين، تماما كما حدث مع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
وربما يكون اقتراح بث الجلسات بصورة مؤجلة هو الخيار الأكثر منطقية إلى أن يعاد انتخاب المجلس الجديد بحيث لا يخرج للمشاهدين إلا ما يفيد وما يعزز الممارسة السياسية وليصل للمواطنين ما يفيدهم بالفعل ولا يكون البث عبارة عن مجرد مكلمة تستهلك وقت المشاهدين دون جدوى حقيقية، وخاصة إذا علمنا أن هذا هو العام الأخير في عمر مجلس النواب، ومن ثم قد ينتهز البعض الهواء لاستعراض عضلاتهم السياسية في غير موضعه لتقديم أنفسهم لجمهور الناخبين، لكن في المقابل تبقى حيثيات البث التي ذكرناها آنفا أكثر إلحاحا، وبناء عليه فإن البث المؤجل يكون هو المخرج في هذه الحالة.
0 تعليق